وزارة خارجية جمهورية الصين الشعبية > الأخبار اليومية
الحزب الشيوعي الصيني في عيني
2021-07-01 16:00

مؤخرا حصلنا المقال من الصديق اليمني بغية الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني. النص الكامل فيما يلي:

علاقتي بالصين تعود للسنين الأولى من حياتي، حين بدأت أعي كُنه الأشياء من حولي، والحقيقة أنه شغف ورثته عن أبي.. أتذكر الآن، عندما كنت فتىً يافعاً، في الحادية عشرة من العمر تحديداً، وفي أوائل تسعينات القرن الماضي، حين إشترى أبي مزرعة في تهامة غرب اليمن، وبعدها إشترى مكنة لضخ الماء من البئر صينية الصنع، كانت فريدة في شكلها وصوتها، إذ أن كل المزارع من حولنا كانت تستخدم المضخات اليابانية الشهيرة "يانمار"، لكن أبي جاء بمكنة مختلفة، شحنها خصيصا من مدينة "دبي"، وكان منتشيا وسعيداً بها وكأنها ليست مجرد آلة، وكلما سأله أحد عن نوع هذه المضخة الفريدة، كان يقول إشتريتها من أصدقائنا الصينيين، هكذا قال أبي، إنهم "أصدقائنا"، ربما هذه الكلمة خلقت الفضول عندي والود لأصدقاء لم أعرفهم بعد.

لم يكن أبي يعرف الكثير في الأيدلوجيات والسياسة، لكنه كان صيني الهوى، وإن ورد ذكر الصين أمامه كان يُعلق بكلماته المعتادة "هؤلاء قوم فلاحون وعمال مثلنا، شعارهم المطرقة والمنجل".

وللمصادفة فقد كان المنجل أول الأشياء التي عرفت أنها تأتي إلينا من دولة إسمها الصين، حين بدأت قدماي تحملاني خارج المنزل، إلى الحقول والمدرجات الجبلية في قريتي النائية على أحد جبال اليمن، ثم لما كبرتُ قليلا وبدأت أقرأ الكتب عرفت أكثر عن هذا البلد العريق، عرفت شيئاً عن الفلسفة الطاوية والكونفوشيوسية، والشيوعية ذات الخصائص الصينية التي ينتهجها الحزب الشيوعي الصيني والذي قاد معجزة الصين الحديثة وجعل من الصين ملء السمع والبصر.

لم تنتهي قصتي مع الصين هنا بل تلك كانت بداية الحكاية، وقد تشكل عندي، باكراً، حنين جارف لزيارة هذا البلد المدهش، ودفعني الشغف للتقدم لبرنامج المنح الدراسية الصينية، وإن كنتُ قد تأخرتُ قليلا في الحقيقة، لكنني كنت دائما على موعدٍ مع الصين، وحالفني الحظ في العام 2016، وحصلت على منحة لدراسة الماجستير في الاقتصاد في احدى جامعات الصين، وحين زفيتُ الخبر لوالدي رأيت في عيونه بريقاً لم يكن ليصنعهُ أي خبر آخر مهما كان حجمه، حتى ليُخيّل إليّ لو أنني قلتُ له أني صاعداً إلى القمر فلن يبتسم تلك الابتسامة ولن يلمع ذلك البريق في عيونه، تلك إذاً هي الصين في عيون أبي، إنها الخير والعطاء و"صديقتنا" كما كان يصفها.

مرت أربع سنوات إلى الآن منذ مجيئي إلى الصين وقد أتممتُ دراسة الماجستير وأستعد الآن للبدئ بمرحلة الدكتوراه، وقد زرتُ عدداً من المدن الصينية ودخلت المتاحف والمعابد والمصانع وتجولت في حقول الشاي ووقفتُ على ضفاف نهر اليانغتسي وأبراج جوانزو وشنغهاي وعرفت كثير من حكايا هذا البلد وكسبت أصدقاء صينيين، تدهشني طيبتهم وإستعدادهم الدائم لتقديم المساعدة إلى أقصى الحدود، والشعب الصيني في المجمل شعب ودود وخجول وكريم ومضياف.

أربع سنوات وأنا أراقب وأتأمل كل جوانب الحياة في المجتمع الصيني الكبير، الذي يتكئ على ميراث ثقافي وحضاري عريق ويضبط إيقاع حياته اليومية سياسة رشيدة وواعية للحزب الشيوعي الصيني تقوده نحو مستقبل زاهي بكل ثقة واقتدار.

أربع سنوات في بلاد التنين، تذوقتُ أصناف الطعام الصيني اللذيذ، أكلتُ الهوت بوت 火锅، وسمعت الموسيقى والأغاني الصينية وغنيت مع أصدقائي (لسنا سواء我们不一样)، ومارست رياضة التايجتشوان 太极拳، وأسعى جاهداً لتعزيز لغتي الصينية ويحدوني الأمل أن أصبح، كما يقول الصينيون 中国通، أي "خبيرٌ بالصين".

أربع سنوات في الصين والحياة حولي تضج بالحيوية والنشاط، أبراج ترتفع إلى عنان السماء، وجسور تُشيّد على مد البصر، وإقتصاد ينمو بتسارع، ومبادرة "طريق الحرير" الطموحة، وانطلاق نحو الفضاء والكواكب البعيدة، وقبل ذلك إنسان مؤهل علمياً وممتلئ بالثقة، ومحصن بالثقافة الوطنية وهو عماد الحاضر ورهان المستقبل، إنه النجاح في أزهى صورهُ، صنعتهُ سياسة الحزب الرصينة والواعية والناظمة لكل شئون الحياة في هذا البلد الكبير حجما وسكانا وحضارة.

إنه الزمن الصيني بإقتدار، قد بدأ ولن يتوقف، فالمجد للصين، صديقتنا كما قال أبي وكما أقول أنا لأطفالي الأثنين الذين يحملون نفس الحب والشغف تجاه هذا البلد الذي صنع جزءاً أصيلا من حياتنا وذكرياتنا، ونحن سعداء بذلك بل ومحظوظون.

أخبر صديقك :   
إطبع هذه الورقة